تصر دولة الاحتلال على تذكير المواطنين الفلسطينيين انهم يخضعون لأبشع احتلال استيطاني احلالي استعماري يؤسس لنظام فصل عنصري (ابرتهايد) في وطنهم فلسطين، عبر ممارسة سلسلة طويلة من الإجراءات والتدابير القمعية التي ترتكبها بشكل يومي قوات الاحتلال وميليشيات المستوطنين وعناصرهم ومنظماتهم الإرهابية التي تنطلق من قواعد الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية المحتلة، ومن خلال فرض مشهد دموي تنكيلي بالفلسطينيين في طول وعرض الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ بما فيها القدس الشرقية مليء بمشاهد الذعر والترهيب والتخويف ومحاولات السيطرة على وعي الأجيال الفلسطينية المتعاقبة وحرفها باتجاهات متناقضة بعيدة عن الهم الوطني العام، بوهم إسرائيلي رسمي مفاده انه كلما انتشر الخوف والرعب كلما سيطرت دولة الاحتلال على الفلسطينيين، بما يؤدي الى موجات التصعيد الراهنة وإدخال ساحة الصراع في دوامة من العنف يصعب السيطرة عليها، كغطاء لتنفيذ المزيد من المشاريع والمخططات الاستعمارية التوسعية وكساتر دخاني لهروب الجانب الإسرائيلي من دفع استحقاقات السلام والمفاوضات لحل قضايا الصراع ومواضيعه النهائية. في هذا الاطار، تندرج عربدات ميليشيات المستوطنين وهجماتهم واعتداءاتهم الدموية على المواطنين الفلسطينيين سواء على الطرق الرئيسة في الضفة الغربية المحتلة أو على منازل المواطنين وتحطيم مركباتهم، وعزل المناطق الفلسطينية بعضها عن بعض من خلال فرض الحصار المشدد وإغلاق مداخل ومخارج العديد من المناطق كما هو حاصل في نابلس وشعفاط وغيرها، ومطاردة المواطنين قاطفي ثمار الزيتون ومحاولة منعهم من الوصول إليه، بما يضمن تعطيل المؤسسات التعليمية والصحية والإنسانية وشل الحركة بين تلك المناطق ووقوع عشرات الاصابات في صفوف المواطنين كما حصل في عناتا ومخيم شعفاط وحوارة وعلى الطرق الواصلة بين نابلس ورام الله ونابلس وقلقيلية، وكما يحصل باستمرار في القدس المحتلة وفي محافظات بيت لحم والخليل وطولكرم حيث اصيب طبيب برضوض صباح هذا اليوم جراء اعتداء المستوطنين عليه شرق المدينة، وكما يحصل باستمرار أيضاً على مدخل البيرة الشمالي وفي الأغوار وفي اللبن الشرقية وغيرها. اذاً تتعمد دولة الاحتلال وأجهزتها المختلفة تسخين وتصعيد الأوضاع في ساحة الصراع وتتدخل بذلك لترتيب سلم أولويات المواطن الفلسطيني في عموم الوطن لإخراج اكبر عدد ممكن من المواطنين الفلسطينيين من دائرة مواجهة الاحتلال والاستيطان ودفعهم للانشغال في حماية أنفسهم ومنازلهم وممتلكاتهم، في حماية تعليم أبنائهم والانشغال أيضاً في كيفية الوصول إلى مصادر رزقهم، في دوامة من الأحداث التي تبدؤها قوات الإحتلال أو ميليشيات المستوطنين بحماية جيش الاحتلال، وفي جميع الحالات يبقى الفلسطيني ضحية الاحتلال والاستيطان، ضحية هذا الصمت الدولي المريب، ضحية ازدواجية المعايير الدولية التي تتغنى بحقوق الإنسان بشكل عام وتصمت عندما يصل الأمر إلى انتهاكات دولة الاحتلال للقانون الدولي وللاتفاقيات الموقعة ومبادئ حقوق الإنسان، ضحية غياب المحاسبة الدولية لإسرائيل على جرائمها، وللحماية التي توفرها الولايات المتحدة الأمريكية لدولة الاحتلال.