القدس 10-12-2022 - نقلاً عن وكالة وفا- ليالي عيد - قرار الترحيل القسري بحق المقدسي صلاح الحموري (37 عاما)، تحت سيف ما يسمى "خرق الولاء" لإسرائيل، يسلط الضوء من جديد على التمييز العنصري لقوانين الاحتلال ضد المقدسيين في شرقي المدينة، ويعيد إلى الأذهان، سياسة "الابعاد" التي كانت تستخدمها دولة الاحتلال بحق الكثير من الأسرى في ثمانينيات القرن الماضي.
إبعاد الأسير الحموري عن مدينته القدس، تشريع احتلالي جديد لطرد فلسطينيين آخرين عن العاصمة الفلسطينية المحتلة، وهو امتداد لسلسلة قوانين وسياسات عنصرية سنّتها سلطات الاحتلال منذ عام 1967؛ لتقليص الوجود الفلسطيني في المدينة وتحقيق أغلبية يهودية.
منذ أكثر من عشرة اشهر وعائلة الاسير الحموري تعيش حالة من القلق القاتل، بعد قرار الاحتلال سحب الإقامة المقدسية منه، وترحيله إلى فرنسا التي يحمل جنسيتها أيضا، في الأول من كانون الثاني المقبل، مع إبقائه خلال هذه الفترة رهن الاعتقال الإداري الذي جدد له ثلاث مرات متتالية.
عملية "الترحيل القسري" للأسير الإداري الحموري، إلى فرنسا، كان من المفترض تنفيذها في الرابع من كانون الاول الجاري، وتم تأجيلها الى الأول من كانون الثاني المقبل.
محكمة الاحتلال اتخذت قرار إبعاد الحقوقي المقدسي، بدلا من تجديد أمر الاعتقال الإداري، حيث انتهت مدة محكوميته الأخيرة إداريا، يوم الجمعة الماضي، وهو ما يدلل على أن الاستجابة لطلبات إطلاق سراحه من قبل دولة الاحتلال، تمت بعد انتهاء المحكومية، فيما يتردد أن هناك تدخلا فرنسيا نشطا بعد صدور قرار الترحيل، بهدف إنهاء اعتقاله.
معاناة الأسير الحموري وعائلته لم تبدأ من لحظة اعتقاله أو اتخاذ قرار إبعاده، بل امتدت على مدار سنوات، منذ إصابته وهو ابن خمسة عشر عاما، ثم بدأ بعدها سلسلة اعتقالات انتهت بالإفراج عنه في صفقة لتبادل الأسرى 2011، تلتها سلسلة اعتقالات إدارية كان آخرها اعتقاله في آذار الماضي، ثم التجديد الإداري له ثلاث مرات متتابعات، وتوجتها المحكمة بسحب هويته المقدسية، وترحيل زوجته إلى فرنسا ومنعها من دخول مدينة القدس المحتلة.
حسن الحموري والد الأسير صلاح، قال في حديث لـ"وفا": العائلة ترفض قرار سلطات الاحتلال ترحيل ابننا صلاح، نحن نعاني منذ نحو عشرين عاما من الاعتقالات المتكررة، فيجدد الاحتلال اعتقاله كل ثلاثة أشهر، معاناة انعكست على أشغالنا وأعمالنا وعلى تفاصيل حياتنا اليومية".
وأضاف: "مداولات على مدار أشهر في محاكم الاحتلال بين المحكمة المركزية والمحكمة العليا، ثم تحويلنا الى داخلية الاحتلال التي أكدت وزيرتها إيليت شاكيد على قرار ترحيله".
"القانون الإسرائيلي" يمنح الفلسطينيين في القدس الشرقية مكانة "إقامة دائمة" لا مواطنين، وبالتالي يصبح الدخول إلى المدينة والإقامة فيها امتيازا قابلا للإلغاء، لذرائع ومزاعم مختلفة.
رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب قال لـ"وفا": "تفاجأنا أمس بقرار سلطات الاحتلال على تأكيد قرار الترحيل، رغم أنه عقدت الثلاثاء الماضي جلسة استماع للأسير الحموري في سجن الرملة، مع قرار بإعادة الملف مرة أخرى الى وزارة داخلية الاحتلال، لدراسته من قبل وزيرة الداخلية إيليت شاكيد".
يعاني المقدسيون من التمييز العنصري، بأشكال وطرق مختلفة، منها على شكل قوانين عنصرية تسنها الكنيست الإسرائيلية لخدمة مصالح دولة الاحتلال، على حساب المقدسيين.
ولعل أبرز هذه القوانين، "قانون أملاك الغائبين" الذي تصادر إسرائيل بموجبه كل عقار أو حصة في عقار يملكها فلسطيني لم يكن متواجدا بمدينة القدس أثناء احتلالها عام 1967، وتحوله إلى ما يسمى "حارس أملاك الغائبين"، الذي يتبع لحكومة الاحتلال.
واستنادا إلى بيانات للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد السكان الفلسطينيين بمحافظة القدس في نهاية عام 2021، حوالي 477 ألف نسمة.
ومن هؤلاء حوالي 65% (308 آلاف نسمة) يقيمون في مناطق القدس المصنفة بـ "J1" التي ضمتها إسرائيل بعيد احتلالها كامل الأراضي الفلسطينية عام 1967.
ومن القوانين التي تكرس نظام الفصل العنصري "الابرتهايد"، قانون الجنسية الإسرائيلية والإقامة بالقدس، إذ يحصل اليهودي وجميع أفراد عائلته بشكل مباشر على الجنسية الإسرائيلية، سواء أكانوا يعيشون في إسرائيل أم خارجها، وفي المقابل يحرم المقدسي أو المقدسية من إحضار شريكه الذي لا يحمل الهوية الزرقاء للعيش معه في القدس، خاصة بعد إلغاء "لمّ الشمل" الذي كان يساعد الأزواج المختلطة على البقاء في المدينة.
15 ألف مقدسي طالهم قرار سحب الهوية منذ عام 1967، فيما يهدد قانون إسرائيلي آخر يدعى "مركز الحياة" أكثر من 120 ألفا آخرين، حسب إحصائيات مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
التمييز ضد المقدسيين لا يقتصر على القوانين، بل يمتد لكافة تفاصيل حياتهم اليومية، وكل ذلك يهدف إلى حملهم على الرحيل عن المدينة المقدسة، للحفاظ على الغالبية اليهودية فيها.