وكالة ريادة - خلدت السفارة الفلسطينية بنواكشوط، مساء اليوم الجمعة، بالذكرى ال76 للنكبة الفلسطينية تحت شعار:” رغم التهجير عائدون، ورغم الإبادة باقون”.
وتميزت التظاهرة، باستعراض وثائقي تضمن عام النكبة الفلسطينية التي وقعت 1948.
ويأتي الاحتفاء بهذه الذكرى هذا العام في فترة يشهد فيها قطاع غزة إبادة مستمرة منذ 7 أكتوبر.
وذكر السفير الفلسطيني، الدكتور محمد الأسعد، في كلمة بالمناسبة ، بما خلفته هذه النكبة من معاناة للفلسطينيين، مشيدا بموقف جنوب إفريقيا اتجاه القضية العادلة.
كما أشاد بموقف رئيس الجمهورية، الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي، محمد ولد الشيخ الغزواني، وذلك من خلال حرصه على حضور القضية الفلسطينية في خطاباته بالمحافل الدولية.
وطالب المجتمع الدولي بدعم جهود وقف إطلاق النار في غزة.
وجدد رئيس حزب الإنصاف، محمد ماء العينين ولد اييه، في كلمة بالمناسبة، دعم الحكومة والشعب الموريتاني للقضية الفلسطينة.
وقد حضر الحفل وزير العدل الموريتاني، محمد محمود بن الشيخ عبدالله بن بيه، ورئيس حزب الإنصاف محمد ماء العينين ولد اييه، والسلك الدبلوماسي وأعضاء الحكومة.
شاهد الكلمة من خلال الفيديو
وفي ما يلي نص خطاب سعادة السفير الدكتور محمد قاسم الاسعد
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسولنا الكريم
معالي الأخ/ محمد محمود الشيخ عبدالله بن بيه- وزير العدل والشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج وكالة.
الإخوة أعضاء الوفد الرسمي كل حسب موقعه وجميل إسمه.
الأخ العزيز/ محمد ماء العينين ولد أَيِيه/ رئيس حزب الإنصاف، والوفد المرافق له.
أصحاب المعالي الوزراء والسعادة السفراء والسلك الدبلوماسي.
الإخوة والأخوات ممثلي الجمهورية الإسلامية الموريتانية من برلمانيين وولاة وحكام وأجهزة أمنية ورؤساء بلديات ودوائر حكومية.
الإخوة والأخوات رؤساء وأمناء عامين وممثلي الأحزاب والهيئات الدينية ووسائل الإعلام وصحفيين وقضاة ومحامين والشعراء والأدباء وجميع شرائح المجتمع الموريتاني.
الإخوة ممثلي الجاليات العربية والجالية الفلسطينية.
الحضور الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيتها الأخوات أيها الإخوة
يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم
أحييكم وأشد على أياديكم، أسرى، وجرحى، صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، في غزة الصامدة الثابتة الجريحة وفي رام الله ونابلس والخليل والقدس العاصمة الأبدية لفلسطين أرض أجدادنا وفي الشتات وفي كل بيت.
إنها ذكرى النكبة التي نُحييها اليوم في كل دولة وفي كل ساحة وفي كل بيت، إنها الذكرى التـي حلت بشعبنا قبل ستة وسبعين عاماً، وما حملته من آلآم ودماء ودموع وفقدان للوطن، ومخططات ومشاريع أرادت تحويل الفلسطينيين إلى حالة إنسانية بحاجة للمساعدة، لاجئين لا وطن ولا هوية لهم.
بفخر وإعتزاز وثقة بالنفس نقول اليوم: إننا أثبتنا وسوف نثبت إعادة فلسطين إلى خارطة الجغرافيا، دولة مستقلة سيدة على أرضها بعاصمتها القدس الشريف زهرة المدائن، مدينة الأنبياء والرسل، حاضنة الأقصى وكنيسة القيامة.
نستذكر اليوم، ولن ننسى تضحيات شهدائنا الأبرار، نُحَيي روح مفجر ثورثنا الأخ ياسر عرفات وإخوانه ورفاقه قادة وكوادر ومناضلين، ونُحَيي أسرانا البواسل وجرحانا، فلولا تضحياتهم لما إستطعنا أن نغير المصير الذي كان مخططاً لنا وجوهره: أرض بلا شعب لشعب بلا أرض أو كبار السن يموتون وصغارهم ينسون.
فلسطين اليوم أيتها الأخوات والإخوة على رأس جدول إهتمام العالم وقادته، ليست كقضية لاجئين ولكن كقضية تحرر وطنـي واستقلال لشعب عظيم وعريق.
- برهنت عليه تضحيات وصمود شعبنا في قطاع غزة البطل وفي القدس والضفة الغربية.
- برهنت عليه نتائج التصويت على مشروع قرار منح فلسطين صفة دولة مراقب غيـر عضو في الأمم المتحدة عام 2012 إذ صوتت 138 دولة مؤيدة.
- برهنت عليه نتائج التصويت على مشروع قرار أحقية فلسطين كعضو دائم في الأمم المتحدة في عام 2024 إذ صوتت 143 دولة مؤيدة.
- برهنت عليه خطوة جنوب افريقيا بالتوجه لمحكمة العدل الدولية وفي هذا السياق أوجه التحية لجنوب افريقيا ولكل الدول التـي إلتحقت بها.
- برهنت عليه الثورة العالمية للطلاب التـي تقف مع الحق الفلسطيني.
إخوتي أخواتي..
إن ما أنجزناه على أهميته عبـر مسيرتنا النضالية الطويلة التـي بدأت منذ إنطلاقتنا ومقاومتنا للاحتلال ونحن على قناعة تامة بأن المقاومة ليست شعارات تستخفُ بأرواح الشهداء وتجارة بدماء الجرحى ومعاناة المدنيين الأبرياء، إن المقاومة لابد أن تخضع لحساب الأرباح والخسارة وهي مسؤولة أمام الشعوب تُحاسبها بقدر ما تُحققهُ من مكاسب لقضاياها أو ما تؤدي إليه من ضحايا وآلام ودمار.
لقد كانت إنطلاقتنا ثمرة استراتيجية سياسية وفقت ما بين العدل والممكن والمتاح والإنضواء تحت الشرعية الدولية وقراراتها وآلياتها، دون الإنجرار إلى مربعات اليأس والإستسلام.
نقول نعم
أو نقول لا
حسب ما تقتضيه مصلحتنا الوطنية العليا، هذا كان ومازال نهجنا حتى تحقيق بإذن الله حلمنا في العيش في دولتنا الحرة المستقلة، دولة لكل فلسطيني وفلسطينية، لا تمييـز فيها على أساس الجنس، دولة تستحق أن تكون منارةً ونموذجاً لشعب عانى ولكنه على مرارة معاناته لا يحقد ولا يتعصب بل يحب لغيره ما يحبه لنفسه.
وهنا لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لكم ومن خلالكم لعموم الشعب الموريتاني الشقيق وقيادته الحكيمة وعلى رأسها فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على الدعم المستمر والدائم للقضية الفلسطينية التي كان ولا يزال يعتبرها قضيته الأولى على الصعيد الديني والإنساني والاخلاقي والقومي وعلى حمله هَم هذه القضية على كاهله في جميع المحافل الدولية وخاصةً في القارة الإفريقية التي يترأس قيادة مجموعتها حالياً، هذا الدور الذي تميز به فخامته في العمل على وحدة وأمن وإستقرار هذه القارة بحكمته وحنكته المعهودة، وهذا دليل على نجاح وديناميكية الدبلوماسية الموريتانية وتعزيز مكانة موريتانيا على الساحة الدولية.
وإسمحوا لي أن أتوجه بالشكر والإمتنان للشعب الموريتاني الذي لم يهدأ ولم يستكين يوماً واحداً منذ 7 أكتوبر وفي كل مكان على أرض هذا الوطن للتعبير عن حبه وتضامنه وتبنيه القضية الفلسطينية.
ولا يفوتني بأن أتوجه بالشكر للأحزاب السياسية قيادةً وقواعد حزبية ومنظمات المجتمع المدني التـي تقف صفاً واحداً من أجل فلسطين.
شكراً موريتانيا الحبيبة
شكراً لكل أوقية جُمعت لفلسطين لكل فلسطين.
أيها الإخوة والأخوات..
في هذا اليوم الذي أقف فيه أمامكم، يُحْيي شعبنا الفلسطيني في أماكن تواجده المختلفة في فلسطين والشتات وكذلك أصدقاء شعبنا وأحرار العالم في العديد من العواصم والمدن هذه الذكرى المأساوية التي لاتزال تُلقي بظلالها الحالكة علينا، ورغم ذلك فإن الرواية الفلسطينية المتعلقة بالنكبة وما يدور الآن في فلسطين بدأت تشق طريقها إلى وعي الشعوب والدول التي أخذت تكتشف زيف الرواية الاسرائيلية، وذلك بجهود وتضحيات ودماء وصبر وصمود شعبنا الفلسطيني في غزة وباقي المدن الفلسطينية بما في ذلك القدس الشريف.
ستة وسبعون عاماً مضت على نكبة فلسطين التي خلقت ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعانون من ويلات التشرد وفقدان الأمان، وما زالوا هائمين على وجوههم في كل بقاع العالم، بعد أن كانوا يعيشون حياة هادئة مستقرة في مدنهم وقراهم.
نحن سلالة الكنعانيين الذين عاشوا على أرض فلسطين قبل أكثر من عشرة آلاف سنة، وبقوا فيها إلى اليوم دون انقطاع، ولازال شعبنا العظيم المتجذر في أرضه.. فإن شعبنا الفلسطيني عَمر مدنه وأرضه وقدم إسهامات إنسانية وحضارية يشهد لها العالم، إنشاء المعاهد والمدارس والمستشفيات والمؤسسات الثقافية والمسارح والمكاتب ودور النشر والصحف ومؤسسات اقتصادية وشركات وبنوكاً ذات تأثير إقليمي ودولي واسع، كل ذلك قبل وبعد صدور وعد بلفور عام 1917 هذا الوعد المشؤوم الذي أعطى فيه (من لا يملك لمن لا يستحق).
ومنذ ذلك الحين ونحن نعيش نكبة تلوى الأخرى، فالنكبة التي وقعت عامي 1947-1948 عندما تم تهجير وطرد معظم الفلسطينيين بالقوة من منازلهم وأراضيهم في فلسطين التاريخية.
- من بين 1.4 مليون فلسطيني كانوا يعيشون في فلسطين التاريخية قبل عام 1948 نزح ولجأ أكثر من 750.000 فلسطيني إما داخل فلسطين أو الى الدول المجاورة ومنها: الأردن ولبنان وسوريا ومصر.
- لقد دمرت العصابات المسلحة الصهيونية اكثر من 531 قرية وبلدة فلسطينية.
- إرتكبت العصابات الصهيونية ما لايقل عن 28 مذبحة ضد الشعب الفلسطيني خلال أحداث النكبة وأبرزها مذبحة دير ياسين والطنطورة.
- يوجد اليوم أكثر من 5.8 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في سجلات الأونروا ويعيشون في مخيمات اللاجئين التي تديرها الأونروا داخل أو خارج فلسطين.
- منذ النكبة وحتى قبل السابع من أكتوبر 2023 قتلت اسرائيل أكثر من 100.000 شهيد وإحتجزت بشكل غير قانوني وتعسفي أكثر من مليون فلسطيني.
- أيها الأخوة والأخوة
منذ النكبة الأولى لم يتوقف القتل والتشريد بحق شعبنا على مدار ستة وسبعين عاماً من الاحتلال القسري حيث تتجدد النكبة وسياسة التطهيـر العرقي بحق شعبنا في أبشع جريمة إبادة جماعية لم يرى العالم لها مثيل.
في اليوم 225 من هذا العدوان الهمجي الذي لم يشبع فيه هذا العدو المجرم من دماء أطفال ونساء وشيوخ غزة ولم يكتفي بالدمار الشامل في البُنـى التحتية والأحياء السكنية والمرافق الصحية والتعليمية التي سُويت بالأرض.
تتواصل حرب الإبادة الجماعية التي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 37.000 شهيد و79.000 جريح و10 آلاف مفقود في ظل تواطئ وصمت دولي.
إن حرب الإبادة التي تقوم بها آلة الحرب الاسرائيلية المحتلة الآن هي ليست دفاعاً عن النفس، وهنا لابد من التفكير بأنه لا يحق لمن يرتكب جريمة العدوان واحتلال أرض الغير، الادعاء بحق الدفاع عن النفس، لاشيء يمكن أيها الإخوة والأخوات أن يُبرر قتل المدنيين الأبرياء والأطفال وإستهداف الأعيان المدنية بما فيها المستشفيات والمدارس وملاجئ الأمم المتحدة ومبانيها، ولا استخدام التجويع كسلاح في الحرب وقطع المياه والموارد الطبية عن المدنيين الأبرياء.
إن هذه الحرب هي إمتداد للعدوان الذي يشُنه هذا الاحتلال البغيض على شعبنا لإستدامة إستعماره وإحتلاله لأرض دولة فلسطين بما فيها القدس العاصمة الأبدية، فالسلام والأمن لا يمكن أن يتحقق بتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم أو شيطنتهم ولا بسحق جماجم الرضع وإراقة دماء الأطفال ولا بمحو غزة أو تحويلها إلى جهنم أو تقليص مساحتها وترك 2.3 مليون فلسطيني للجوع والحرمان محاصرين دون السماح بإدخال الحد الأدنى من إحتياجاتهم الإنسانية.
إن فلسطين كانت ولا زالت الإختبار الحقيقي لنجاعة وديمومة المنظومة الدولية، لا يمكن لأي قدر من الإدعاء الباطل والأصوات التي تساوي بين الضحية والجلاد وبين الاحتلال والمُحتل القفز عن هذه الحقيقة.
إن الذكرى السادسة والسبعين للنكبة التي تحل هذا العام في ظل ما تقترفه دولة الاحتلال في غزة وسعيها لتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي في القطاع تستوجب تحرك دولي لتطويق وحصار دولة الاحتلال ومجرميها من مسؤولين سياسيين وعسكريين ومستوطنيها الارهابيين، وإنتهاكاتهم المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدراته قتلاً وتدميراً وتهجيراً وتجويعاً.
وهذا ما يتعين على الدول والمنظمات الدولية/
1- عدم تقديم المساعدة أو الدعم الذي يُسهم في الحفاظ على حالة الاحتلال.
2- يتعين على المجتمع الدولي إتخاذ خطوات عملية لمحاسبة اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من خلال الآليات المتاحة على الصعيدين الدولي والوطني.
3- لقد حان الوقت لوضع حد للخطط الشائنة للحكومة المتطرفة والعنصرية في اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال التي تهدد بحدوث نكبة أخرى ضد الشعب الفلسطيني.
4- يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك لحماية الملايين من الاطفال والنساء والرجال الفلسطينيين الذين تتعرض حياتهم للتهديد بسبب الهجوم الإجرامي الاسرائيلي المستمر على قطاع غزة وفي باقي أنحاء فلسطين.
إن السبيل لوقف إراقة الدماء هو إنهاء الاحتلال والسعي إلى تحقيق العدالة.
وفي الختام، لا يسعني إلا أن أبعث بتحية إجلال وإكبار لروح كل شهيد سقط من أجل فلسطين ولكل جريح ولكل أم فلسطينية ثكلى، ولكل رجل وإمرأة وطفل حرمه الاحتلال ذويه، ولكل أسير قدم أجمل سنوات حياته فداءً للوطن، ولكل المرابطين والصامدين والمناضلين والمقاومين على أرض الوطن وخيمات الشتات.
وفي نهاية كلمتي هذه أجدد الشكر الجزيل لكم فرداً فرداً وللوفد الرسمي وعلى رأسه معالي وزير العدل ورئيس الحزب الحاكم والوفد المرافق له وجميع الحضور.
واسمحوا لي أن أوجه الشكر الجزيل للأخت الفاضلة مدام سكينة محمد غالي ازكان لتقديمها هذه القاعة مجاناً لإحياء هذه المناسبة.
ومعاً وسوياً حتى بناء دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته